قال الله تعالى (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ))سورة الزمر:9
وقال الله تعالى(( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ))سورة المجادلة :11
وقوله تعالى(( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا))سورة طه :114)) هذا من أعظم أدلة شرف العلم ِوعظّمه،إذ لم يؤمر صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه الزيادة إلامنه وفي الحديث الشريف ((ما عُبد اللهُ بشئ أفضل من فقه في الدين..))
وهاهي البشارة على لسان قدوتنا وحبيبنامحمد صلى الله عليه وسلم فعن أبي أمامة رضي الله عنه :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ))ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن الله وملائكته ،وأهل السموات والأرض ،وحتى النملة في جُحرها،وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير )) رواه الترمذي وقال :حديث حسن )) معنى فضل العالم على العابد)) أي فضل الرجل العالم ،على الرجل العابد ،كفضل الرسول الله صلى الله عليه وسلم على أقل رجل من المؤمنين ، وفي هذا الحديث رفع لشأن العلماء ، وإعلاءٌ لقدرهم عند الله عزٌوجل ، حيث يُحيي اللهُ بهم القلوبَ، كما تحيا الأرض بوابل المطر ،ولا يُراد بالحديث كل عالم ،إنما الذي يستحق ُّ هذا التفضيل (العالم الرباني) الذي تعلم العلم النافع ،وقام بحقِّ هذا العلم ، من العمل الصالح ، ونشر العلم ،وهداية الناس إلى طريق الخير والسعادة ، وماأحسن ماقاله الشاعر :
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاءُ
وقدرُكلًّ امرئِِ ماكان يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداءُ
ففز بعلم تعش حياً به أبداًَ الناسُ موتى وأهلُ العلم أحياءُ
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه ،قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضعُ أجنحتها لطالب العلم ِرضِّي بما يصنعُ ، وإن العالِمَ ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ،وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراَ ولا درهماَ، وإنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر رواه أبو داود و الترمذي
((معنى: أخذ بحظ وافر)) أي من سعى لطلب العلم فقد نال أسمى الحظ، وانبل المطالب وحصل على السعادة المبتغاة . ((مرجع رياض الصالحين))
فهنيئاَ لمن سلك طريق العلم في الدين والدنيا رضاءَ لوجه الله لينال السعادة في الدنيا والآخرة ومن أروع قصص في العلم قصة يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف ((فعن علي بن الجعد قال أخبرني يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف قال: توفي أبي وخلفني صغيراَفي حجر أمي، فأسلمتني إلى قصَّار أخدمه، فكنتُ أدع القصَّاروأمُر إلى حلقة ابي حنيفة، فأجلس فأستمع، وكانت أمي تجئ خلفي إلى الحلقة فتأخذ بيدي، وتذهب بي إلى القصَّار،وكان أبو حنيفة يعني بي، لما يرى من حرصي على التعلم، فلما كثرذلك على أمي قالت لأبي حنيفة: ما لهذا الصبي فساد غيرك،هذا صبي يتيم لاكسب له، وأنا أطعمه من مغزلي، وآمل أنه يكسب دانقاَ يعود به على نفسه ، فقال لها أبو حنيفة: مُري يا رعناء، هاهو ذا يتعلم أكل الفالوذج بدهن الفستق .
فانصرفت وقالت له: أنت شيخ قد خرفت وذهب عقلك.
ثم لزمتهُ، فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدتُ القضاء، وكنت أجالس الرشيد معه على مائدته ، فلما كان في بعض الأيام قدَّم إلى هارون فالوذجة بدهن فقال لي هارون: يا يعقوب، كُل منه، فليس كل يوم يعمل لنا مثله . فقلت: وماهذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذه فالوذجة بدهن الفستق ، فضحكتُ فقال لي : مم تضحك ؟ قلتُ: خيراَ ،أبقى الله أمير المؤمنين. فقال: لتخبرني. وألحَّ عليَّ، فأخبرته بالقصة من أولها إلى آخرها، فتعجب من ذلك، وقال: لعمري إن العلم يرفع وينفع دنيا وآخرة، وترحم على ابي حنيفة، وقال : كان ينظر بعين عقله مالا يرى بعين راسه.